كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ الحسن {غير مضار وصية} بالإضافة.
وفيه وجهان: أحدهما تقديره: غير مضار أهل وصية أو ذى وصية فحذف المضاف.
والثانى تقديره: غير مضار وقت وصية فحذف، وهو من إضافة الصفة إلى الزمان ويقرب من ذلك قولهم هو فارس حرب: أي فارس في الحرب، ويقال: هو فارس زمانه: أي في زمانه كذلك التقدير للقراءة غير مضار في وقت الوصية.
قوله تعالى: {يدخله} في الآيتين بالياء والنون ومعناهما واحد {نارا خالدا فيها} نارا مفعول ثان ليدخل، وخالدا حال من المفعول الأول، ويجوز أن يكون صفة لنار، لأنه لو كان كذلك لبرز ضمير الفاعل لجريانه على غير من هوله، ويخرج على قول الكوفيين جواز جعله صفة لأنهم لا يشترطون إبراز الضمير في هذا النحو.
قوله تعالى: {واللاتي} هو جمع التي على غير قياس، وقيل هي صيغة موضوعة للجمع وموضوعها رفع بالابتداء، والخبر {فاستشهدوا عليهن} وجاز ذلك وإن كان أمرا، لأنه صار في حكم الشرط حيث وصلت التي بالفعل، وإذا كان كذلك لم يحسن النصب، لأن تقدير الفعل قبل أداة الشرط لا يجوز، وتقديره بعد الصلة يحتاج إلى إضمار فعل غير قوله: {فاستشهدوا} لان استشهدوا لا يصح أن يعمل النصب في اللاتى، وذلك لا يحتاج إليه مع صحة الابتداء، وأجاز قوم النصب بفعل محذوف تقديره: اقصدوا اللاتى أو تعمدوا، وقيل الخبر محذوف: تقديره وفيما يتلى عليكم حكم اللاتى ففيما يتلى هو الخبر، وحكم هو المبتدأ، فحذفا لدلالة قوله: {فاستشهدوا} لأنه الحكم المتلو عليهم {أو يجعل الله} أو عاطفة، والتقدير: أو إلى أن يجعل الله، وقيل هي بمعنى إلا أن، وكلاهما مستقيم {لهن} يجوز أن يتعلق بيجعل، وأن يكون حالا من {سبيلا} قوله تعالى: {واللذان يأتيانها} الكلام في اللذان كالكلام في اللاتى، إلا أن من أجاز النصب يصح أن يقدر فعلا من جنس المذكور تقديره: آذوا اللذين، ولا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها هاهنا ولو عرا من ضمير المفعول، لأن الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها، ويقرأ اللذان بتخفيف النون على أصل التثنية، وبتشديدها على أن إحدى النونين عوض من اللام المحذوفة، لأن الأصل اللذيان مثل العميان والشجيان، فحذفت الياء لأن الاسم مبهم، والمبهمات لاتثنى التثنية الصناعية، والحذف مؤذن بأن التثنية هنا مخالفة للقياس، وقيل حذفت لطول الكلام بالصلة، فأما هذان وهاتين، وفذانك فنذكرها في مواضعها.
قوله تعالى: {إنما التوبة} مبتدأ، وفى الخبر وجهان: أحدهما هو {على الله} أي ثابتة على الله، فعلى هذا يكون {للذين يعملون السوء} حالا من الضمير في الظرف، وهو قوله: {على الله} والعامل فيها الظرف أو الاستقرار: أي كائنة للذين، ولايجوز أن يكون العامل في الحال التوبة لأنه قد فصل بينهما بالجار.
والوجه الثاني أن يكون الخبر {للذين يعملون}، وأما {على الله} فيكون حالا من شيء محذوف تقديره: إنما التوبة إذ كانت على الله أو إذا كانت على الله، فإذ أو إذا ظرفان العامل فيهما الذين يعملون السوء، لأن الظرف يعمل فيه المعنى وإن تقدم عليه، وكان التامة وصاحب الحال ضمير الفاعل في كان، ولايجوز أن يكون على الله حالا يعمل فيها الذين لأنه عامل معنوى، والحال لا يتقدم على المعنوي، ونظيره هذه المسألة قولهم هذا بسرا أطيب منه رطبا.
قوله تعالى: {ولا الذين يموتون} في موضعه وجهان: أحدهما هو جر عطفا على الذين يعملون السيئات: أي ولا الذين يموتون.
والوجه الثاني أن يكون مبتدأ، وخبره {أولئك أعتدنا لهم} واللام لام الابتداء وليست لا النافية.
قوله تعالى: {أن ترثوا} في موضع رفع فاعل يحل، و{النساء} فيه وجهان: أحدهما هو المفعول الإول، والنساء على هذا هن الموروثات، وكانت الجاهلية ترث نساء آبائها وتقول: نحن أحق بنكاحهن.
والثانى أنه المفعول الثاني: والتقدير: أن يرثوا من النساء المال، و{كرها} مصدر في موضع الحال من المفعول، وفيه الضم والفتح، وقد ذكر في البقرة {ولا تعضلوهن} فيه وجهان: أحدهما هو منصوب عطفا على ترثوا: أي ولا أن تعضلوهن، والثانى هو جزم بالنهي فهو مستأنف {لتذهبوا} اللام متعلقة بتعضلوا، وفى الكلام حذف تقديره: ولا تعضلوهن من النكاح أو من الطلاق على اختلافهم في المخاطب به هل هم الأولياء أو الأزواج {ما آتيتموهن} العائد على ما محذوف تقديره: ما آتيتموهن إياه، وهو المفعول الثاني {إلا أن يأتين بفاحشة} فيه وجهان: أحدهما هو في موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
والثانى هو في موضع الحال تقديره: إلا في حال إتيانهن الفاحشة، وقيل هو استثناء متصل تقديره: ولا تعضلوهن في حال إلا في حال إتيان الفاحشة {مبينة} يقرأ بفتح الياء على ما لم يسم فاعله: أي أظهرها صاحبها، وبكسر الياء والتشديد.
وفيه وجهان: أحدهما أنها هي الفاعلة أي تبين حال مرتكبها.
والثانى أنه من اللازم، يقال: بان الشيء وأبان وتبين واستبان وبين بمعنى واحد، ويقرأ بكسر الباء وسكون الياء، وهو على الوجهين في المشددة المكسورة {بالمعروف} مفعول أو حال {أن تكرهوا} فاعل عسى، ولا خبر لها هاهنا، لأن المصدر إذا تقدم صارت عسى بمعنى أقرب، فاستغنت عن تقدير المفعول المسمى خبرا.
قوله تعالى: {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج} ظرف للاستبدال.
وفى قوله: {وآتيتم إحداهن قنطارا} إشكالان: أحدهما أنه جمع الضمير والمتقدم زوجان.
والثانى أن التي يريد أن يستبدل بها هي التي تكون قد أعطاها مالا فينهاه عن أخذه، فأما التي يريد أن يستحدثها فلم يكن أعطاها شيئا حتى ينهى عن أخذه، ويتأيد ذلك بقوله: {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض} والجواب عن الأول أن المراد بالزوج الجمع، لأن الخطاب لجماعة الرجال وكل منهم قد يريد الاستبدال، ويجوز أن يكون جمعا، لأن التي يريد أن يستحدثها، يفضى حالها إلى أن تكون زوجا، وأن يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالأولى، فجمع على هذا المعنى.
وأما الإشكال الثاني ففيه جوابان: أحدهما أنه وضع الظاهر موضع المضمر، والاصل آتيتموهن، والثانى أن المستبدل بها مبهمة فقال: {إحداهن} إذ لم تتعين حتى يرجع الضمير إليها، وقد ذكرنا نحوا من هذا في قوله: {فتذكر إحداهما الأخرى} {بهتانا} فعلان من البهت، وهو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا له.
قوله تعالى: {وكيف تأخذونه} كيف في موضع نصب على الحال، والتقدير: أتأخذونه جائرين؟ وهذا يتبين لك بجواب كيف.
ألا ترى أنك إذا قلت كيف أخذت مال زيد؟ كان الجواب حالا تقديره: أخذته ظالما أو عادلا ونحو ذلك، وأبدا يكون موضع كيف مثل موضع جوابها {وقد أفضى} في موضع الحال أيضا {وأخذن} أي وقد أخذن لأنها حال معطوفة والفعل ماض فتقدر معه قد ليصبح حالا، وأغنى عن ذكرها تقدم ذكرها {منكم} متعلق بأخذن، ويجوز أن يكون حالا من ميثاق.
قوله تعالى: {ما نكح} مثل قوله: {فانكحوا ما طاب لكم} وكذلك {إلا ما ملكت أيمانكم} وهو يتكرر في القرآن {من النساء} في موضع الحال من ما أو من العائد إليها {إلا ما قد سلف}.
في ما وجهان: أحدهما هي بمعنى من وقد ذكر.
والثانى هي مصدرية والاستثناء منقطع، لأن النهى للمستقبل، وماسلف ماض فلا يكون من جنسه وهو في موضع نصب، ومعنى المنقطع أنه لا يكون داخلا في الأول بل يكون في حكم المستأنف وتقدر إلا فيه بلكن، والتقدير هنا: ولا تتزوجوا من تزوجه آباؤكم، ولا تطئوا من وطئه اباؤكم لكن ما سلف من ذلك فمعفو عنه، كما تقول: ما مررت برجل إلا بامرأة: أي لكن مررت بامرأة، والغرض منه بيان معنى زائد، ألا ترى أن قولك ما مررت برجل صريح في نفى المرور برجل ما غير متعرض بإثبات المرور بامرأة أو نفيه، فإذا قلت إلا بامرأة كان إثباتا لمعنى مسكوت عنه غير معلوم بالكلام الأول نفيه ولا إثباته {إنه} الهاء ضمير النكاح {ومقتا} تمام الكلام ثم يستأنف {وساء سبيلا} أي وساء هذا السبيل من نكاح من نكحهن الآباء، وسبيلا تمييزه، ويجوز أن يكون قوله: {وساء سبيلا} معطوفا على خبر كان، ويكون التقدير: مقولا فيه ساء سبيلا.
قوله تعالى: {أمهاتكم} الهاء زائدة، وإنما جاء ذلك فيمن يعقل، فأما ما لا يعقل فيقال: أمهات البهائم، وقد جاء في كل واحد منهما ما جاء في الآخر قليلا، فيقال:
أمات الرجال، وأمهات البهائم {وبناتكم} لام الكلمة محذوفة، ووزنه فعاتكم، والمحذوف واو أو ياء، وقد ذكرناه، فأما بنت فالتاء فيها بدل من اللام المحذوفة وليست تاء التأنيث لأن تاء التأنيث لا يسكن ما قبلها، وتقلب هاء في الوقف، فبنات ليس بجمع بنت بل بنه، وكسرت الباء تنبيها على المحذوف هذا عند الفراء.
وقال غيره: أصلها الفتح، وعلى ذلك جاء جمعها ومذكرها وهو بنون.
وهو مذهب البصريين، وأما أخت فالتاء فيها بدل من الواو لأنها من الاخوة، فأما جمعها فأخوات.
فإن قيل: لم رد المحذوف في أخوات ولم يرد في بنات؟ قيل: حمل كل واحد من الجمعين على مذكره فمذكر بنات لم يرد فيه المحذوف بل جاء ناقصا في الجمع فقالوا بنون، وقالوا في جمع أخ إخوة وإخوان فرد المحذوف.
والعمة تأنيث العم والخالة تأنيث الخال، وألفه منقلبة عن واو لقولك في الجمع أخوال {من الرضاعة} في موضع الحال من أخواتكم: أي وحرمت عليكم أخواتكم كائنات من الرضاعة {اللاتى دخلتم بهن} نعت لنسائكم التي تليها، وليست صفة لنسائكم التي في قوله: {وأمهات نسائكم} لوجهين: أحدهما أن نساءكم الأولى مجرورة بالإضافة، ونساءكم الثانية مجرورة بمن فالجران مختلفان، وما هذا سبيله لا تجرى عليه الصفة كما إذا اختلف العمل، والثانى أن أم المرأة تحرم بنفس العقد عند الجمهور، وبنتها لا تحرم إلا بالدخول، فالمعنى مختلف، ومن نسائكم في موضع الحال من ربائبكم، وإن شئت من الضمير في الجار الذي هو صلة تقديره: اللاتى استقررن في حجوركم كائنات من نسائكم {وأن تجمعوا} في موضع رفع عطفا على أمهاتكم، و{إلا ما قد سلف} استثناء منقطع في موضع نصب.
قوله تعالى: {والمحصنات} هو معطوف على أمهاتكم، و{من النساء} حال منه، والجمهور على فتح الصاد هنا لأن المراد بهن ذوات الأزواج، وذات الزوج محصنة بالفتح لأن زوجها أحصنها: أي أعفها، فأما المحصنات في غير هذا الموضع فيقرأ بالفتح والكسر وكلاهما مشهور، فالكسر على أن النساء أحصن فروجهن أو أزواجهن، والفتح على أنهن أحصن بالأزواج أو بالإسلام، واشتقاق الكلمة من التحصين وهو المنع {إلا ما ملكت} استثناء متصل في موضع نصب، والمعنى: حرمت عليكم ذوات الأزواج إلا السبايا فإنهن حلال وإن كن ذوات أزواج {كتاب الله} هو منصوب على المصدر بكتب محذوفة دل عليه قوله حرمت: لأن التحريم كتب، وقيل انتصابه بفعل محذوف تقديره: الزموا كتاب الله، و{عليكم} إغراء.
وقال الكوفيون هو إغراء والمفعول مقدم، وهذا عندنا غير جائز لان عليكم وبابه عامل ضعيف، فليس له في التقديم تصرف، وقرئ {كتب عليكم} أي كتب الله ذلك عليكم، وعليكم على القول الأول متعلق بالفعل الناصب للمصدر لا بالمصدر لأن المصدر هنا فضلة، وقيل هو متعلق بنفس المصدر لأنه ناب عن الفعل حيث لم يذكر معه، فهو كقولك مرورا بزيد أي أمر، {وأحل لكم} يقرأ بالفتح على تسمية الفاعل، وهو معطوف على الفعل الناصب لكتاب وبالضم عطفا على حرمت {ما وراء ذلكم} في ما وجهان: أحدهما هي بمعنى من، فعلى هذا يكون قوله: {أن تبتغوا} في موضع جر أو نصب على تقدير: بأن تبتغوا أو لأن تبتغوا: أي أبيح لكم غير ما ذكرنا من النساء بالمهور.
والثانى أن ما بمعنى الذى، والذى كناية عن الفعل: أي وأحل لكم تحصيل ما وراء ذلك الفعل المحرم، وأن تبتغوا بدل منه ويجوز أن يكون أن تبتغوا في هذا الوجه مثله في الوجه الأول، و{محصنين} حال من الفاعل في تبتغوا {فما استمتعتم} في ما وجهان: أحدهما هي بمعنى من والهاء في {به} تعود على لفظها، والثانى هي بمعنى الذى، والخبر {فآتوهن} والعائد منه محذوف، أي لأجله فعلى الوجه الأول يجوز أن تكون شرطا، وجوابها فآتوهن والخبر فعل الشرط وجوابه أو جوابه فقط على ما ذكرناه في غير موضع، ويجوز على الوجه الأول أن تكون بمنى الذى، ولا تكون شرطا بل في موضع رفع بالابتداء، واستمتعتم صلة لها، والخبر فآتوهن، ولا يجوز أن تكون مصدرية لفساد المعنى، ولأن الهاء في به تعود على ما، والمصدرية لا يعود عليها ضمير {منهن} حال من الهاء في به {فريضة} مصدر لفعل محذوف، أو في موضع الحال على ما ذكرنا في آية الوصية، قوله تعالى: {ومن لم يستطع} شرط وجوابه فما ملكت و{منكم} حال من الضمير في يستطع {طولا} مفعول يستطع، وقيل هو مفعول له وفيه حذف مضاف: أي لعدم الطول، وأما {أن ينكح} ففيه وجهان: أحدهما هو بدل من طول وهو بدل الشيء من الشيء وهما لشئ واحد لأن الطول هو القدرة أو الفضل، والنكاح قوة وفضل.